النصوص :
النص الأول : قوله تعالى :" كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيئين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه " البقرة 211
القرآن هو الحكم فيما اختلف فيه الناس .
النص الثاني : قوله تعالى : " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " النساء 35
مناسب للتحكيم بغرض الإصلاح بين المتخالفين.
النص الثالث : قوله تعالى : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " هود 118
شاءت مشيئته سبحانه أن يجعل الناس مختلفين
النص الرابع : قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة : لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم "
مثال للاختلاف المحمود بين الصحابة .
محتويات الدرس :
1 ـ الإختلاف طبيعة بشرية نتيجة اختلاف الناس في عقولهم ومداركهم وثقافاتهم .
2 ـ فالوجود قائم على أساسين : وحدانية الخالق واختلاف المخلوق .
3 ـ تعريف الإختلاف :
والإختلاف هو التباين في الرأي بين طرفين أو أكثر بسبب اختلاف الوسائل.
وهو نقيض الإتفاق .
4 ـ العلاقة بين الإختلاف والخلاف :
أحيانا يستعملان بمعنى واحد .
وأحيانا أخرى يفرق بينهما .
وعلى القول بالتفريق : الاختلاف يكون المقصود فيه واحدا والطريق مختلفا أي يكون في الوسائل والخلاف يكون الافتراق في الوسائل والغايات.
وعادة ما يكون الاختلاف طبيعيا أما الخلاف فيكون قرين الفرقة والعداوة .
5 ـ أسباب الاختلاف :
وأسباب الاختلاف كثيرة منها :
ـ ما هو طبيعي يرجع إلى التفاوت الذي يكون بين الناس بأصل خلقتهم .حيث يتفاوت الناس في المدارك والقدرات والمواهب و المهارات .
ـ ومنها ما هو مكتسب ويرجع إلى تفاوت الناس في معارفهم وثقافتهم .
ـ ومنها ما يرجع إلى تفاوت البيئات التي يعيش فيها الناس .
ـ ومنها ما يرجع إلى تفاوت الناس في أغراضهم وأهدافهم .
6 ـ أنواع الاختلاف :
أ ـ من حيث القبول والرد ينقسم إلى قسمين :
ـ اختلاف مقبول وهو كل اختلاف له مبرراته المعقولة . مثل الاختلاف بسبب تباين الفهم بسبب إشكال لفظي أو تعدد دلالات النص . و هو اختلاف تنوع وهو رحمة.
وهو ضروري. إذ فيه تنوع وغنى فكري وهوعامل أساسي في التقدم العلمي والرقي الحضاري .
ـ اختلاف مذموم : وهو النابع عن الهوى أو الجحود أو التعصب .
وهو اختلاف نقمة وشر لأنه يؤدي إلى النزاع والصراع لذا حرمه الشرع وحذر منه.
ب ـ من حيث الموضوع وهو نوعان كذلك :
ـ الاختلاف في الدين حيث اختلف الناس إلى مؤمنين وكفار . وهو اختلاف تضاد . وهو سبب العداوة والحروب المستمرة بين الناس . قال تعالى : " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله . ورفع بعضهم درجات . وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس . ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات . ولكن اختلفوا . فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد " البقرة 253 وقد نهى الحق سبحانه عن هذا النوع من الاختلاف إذ هو من الاختلاف المذموم .
قال سبحانه : "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات . وأولائك لهم عذاب عظيم " آل عمران 105
ـ الاختلاف في الاجتهاد ويكون بين العلماء إما بسبب ظنية دلالة النص أو عدم وجود النص أو اختلاف البيئة .
وعلى العموم أسباب هذا النوع من الاختلاف إما فقه الشرع أو فقه الواقع . وهذا الاختلاف محمود وهو من اختلاف التنوع .
7 ـ آداب الاختلاف :
لكن الاختلاف المقبول لكي لا يصير مذموما وجب التقيد فيه بآداب منها :
أ ـ التسامح : وهو الذي يرتقي بالمختلفين إلى التراضي والتطاوع والوصول إلى التكامل
ب ـ قبول الآخر : الذي يقتضي الاعتراف بالآخر و إعطاء حق الكلام له وعدم الإستهزاء به وعدم الانتقاص من قدره .
ج ـ الحياء :الذي يمنع من الاغترار بالرأي ويقي من الشعور بالتفوق ويدفع مرض الشعور بالعظمة .
د ـ الإنصاف :الذي يدعو إلى الاعتراف بالخطأ والإذعان للحق
8 ـ قواعد تدبير الاختلاف :
بعد التحلي بهذا الآداب لا يبقى إلا تدبير الاختلاف.
وتدبير الاختلاف معناه : اعتماد طريقة تعالج بها مع المخالف هذا الاختلاف بحيث تؤدي إلى التفاهم والتقارب .
ولكي نحسن تدبير الاختلاف ينبغي التقيد بالقواعد والأسس التالية:
ـ الإخلاص لله تعالى والتجرد من الهوى .
ـ ضبط النفس : هذا الضبط الذي يقتضي مخاطبة الناس بأدب ورفق ومقابلة العنف بالحلم ومقابلة الجهل بالعلم .ودفع السيئة بالحسنة .
ـ العلم بموضوع الاختلاف :فلا يجوز للشخص أن يخوض ويجادل في موضوع يجهله .
ـ الاعتراف بحق الآخر في الاختلاف .
ـ اعتماد الوسائل السلمية في التوصل مع الآخر وعلى رأسها الحوار .
ـ التسامح مع المخالف .
ـ القبول بالحق والتحرر من التعصب .
ـ إحسان الظن بالآخرين .
ـ الود والاحترام
ـ ترك الطعن والتجريح .
ـ التعاون في القضايا المتفق عليها .
ـ التفاوض بين المختلفين .
ـ التحكيم : أي الالتجاء إلى طرف ثالث يحكم بينهما إن عجزا عن التوافق والتفاهم .