تمهيد:
جماعة حيوانية (النحل كمثال)
يفتتح النقاش حول حقيقة هذا التجمع:
1 - وصفيا : يتكون من الملكة، العاملات، الذكور (تختلف من حيث الشكل [الحجم] )
2- وظيفيا: اختلاف الأدوار الملكة تنتج البيض – العاملات تزود الخليــــــــــــــة بالرحيق و الذكور تلقح الملكة جماعة النحل
3 - علائقيا : تراتبية على رأسها الملكة و في أسفلها الذكور.
سؤال: ماذا يلاحظ على مجتمع النحل وصفيا و وظيفيا و علائقيا؟
الجواب : عدم تغيير الشكل الفزيونومي: الخضوع لضرورة طبيعية في الشكل
عدم تغيير الوظيفة آو الدور: الخضوع لبرمجة غريزية في الفعل
على ضوء ما تقدم من نقاش يطرح السؤال حول الاختلاف بين جماعة النحل و جماعة البشر,و ما اذا كان التجمع البشري يخضع أيضا لحتمية طبيعية في شكل أفـــــــــــــــــــراده و وظيفتهم,و في طبيعة العلاقة بينهم.
وبخصوص جماعة البشر:
1 - وصفيا: صعوبة الحديث عن فروقات جوهرية بين أفراد الجماعة على مستوى الشكل (نسبة إلى الدور)
2 - وظيفيا: تقسيم الوظائف و الأدوار حسب الكفاءة
3 - علائقيا: انتظام العلاقة وفق قواعد و تقاليد إلى أن يصل الأمر إلى تعاقد سياسي
يمكن رد هذه الاختلافات إلى مفارقات رئيسة
غريزي / إرادي ، طبيعي / ثقافي ، فطري/ مكتسب، / تلقائي \تعاقدي ،
فرد/ جماعة ، انسجام / تنافر ، سلطة / حرية ، طاعة / تمرد .
و يمكن تصنيف هذه التقابلات إلى ثلاثة أقطاب للمفارقات:
1- أساس الاجتماع البشري
2- علاقة الفرد و المجتمع
3- سلطة المجتمع
و هكذا يمكن التساؤل عما هو أساس الاجتماع البشري، هل هو فطري تلقائي أم تعاقدي اتفاقي؟ و إذا كان المجتمع كلا شاملا الأفراد ، فكيف تتقوم العلاقة بين الفــــــــــــــــــــــرد و المجتـــــمع؟ و هل هي علاقة تقدم ام اقتضاء متبادل؟ و إذا كان المجتمع تجسيدا لنظام مؤسسات تطبعها السلطة، فكيف تمارس مفعولها على الفرد؟ و ما هو هامش الفرد اتجاهها؟
المحور الأول: في أساس المجتمع
سؤاله الإشكالي: ما هو أساس الاجتماع البشري ، هل هو أساس فطري تلقائي أم تعاقدي اتفاقي؟
أولا: الأساس الطبيعي
يمكن التقديم هنا لنموذج أرسطو الذي يقول بان الإنسان مدني بطبعه، أي انه اجتماعي بطبيعته وله القابلية و الاستعداد الفطري للعيش في جماعة التي هي صيرورة اكتمال غايتها تحصيل السعادة و الاكتفاء الذاتي ، تبدأ من الأسرة باعتبارها اتحاد فردين (ذكر و أنثى) من اجل الحفاظ على البقاء و الاستمرار، ثم القرية من حيث هي اتحاد للأسر، لنصل في الأخير إلى المدينة- الدولة إلي هي تجمع للقرى.
لكن إذا كان أساس المجتمع طبيعيا، فكيف يمكن تفسير بعض التوثرات و الصراعات الناجمة عن تجمع الأفراد؟ ألا تستدعي هذه الصراعات البحث عن أساس آخر للاجتماع؟
ثانيا : الأساس التعاقدي:
للوقوف على هذا الأساس سنقوم بتحليل نص جون جاك روسو ص46 من الكتاب المدرسي " في رحاب الفلسفة ، السنة الأولى بكالوريا، الشعبة العلمية":
الاستنتاج :
يرى جون جاك روسو أن أساس الاجتماع البشري أساسا تعاقديا يتم بموجبه تخلي الأفراد عن حريتهم و حقهم الطبيعي في فعل ما يشاءون مقابل اكتسابهم لحرية و حق مدني.فالمجتمع جاء نتيجة لاتفاق بين الأفراد و تعاقدهم على قوانين و قواعد منظمة لحياتهم الاجتماعية
الأطروحة :
يقوم المجتمع على أساس تعاقدي ينتقل فيه الإنسان من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية
الإشكالية :
ما الفرق بين حالة الطبيعة و حالة المجتمع؟ و بأي معنى يعتبر التعاقد أساسا له؟
يتبين من خلال الموقفين أن الإنسان له القابلية الفطرية للعيش في جماعة,لكنهذا الاستعداد غير كاف لتحقيق مجتمع منسجم مما يجعل من التعاقد و الاتفاق على قواعد منظمة للعلاقات البين فردية و الضامنة لامنهم و سلامتهم.لكن كيف تتحدد العلاقة بين الفرد و المجتمع؟
ا[center]لمحور الثاني : علاقة الفرد و المجتمع[/center]
سؤاله الإشكالي: ما طبيعة العلاقة بين الفرد و المجتمع؟ هل هي علاقة انفصال ام اقتضاء متبادل؟
لمعالجة هذا الإشكال سنستثمر موقف نوربرت الياس بهذا الخصوص مركزين على اطروحته واقوى لحظات حجاجه.
لقد جاءت أطروحة نوربرت الياس (عالم اجتماع 1887-1990) كتجاوز للنقاش التقليدي الذي كان سائدا في الماضي بخصوص علاقة الفرد بالمجتمع من حيث احقية تقدم كل طرف على الاخر. و كان الفرد و المجتمع جوهرين (كل ما يتقوم بذاته و ليس في حاجة الى غيره) متمايزين,فهو (نوربرت) يعتبرهما وجهان لعملة واحدة و ان فردية الفرد و شرطه الاجتماعي ما هما سوى وظيفتين مختلفتين للناس في علاقاتهم.و لقد شبه علاقة الفرد بالمجتمع بالعملة النقدية ليبن لنا ان الفرد ليس مجرد ذات سلبية تتلقى تاثيرات المجتمع لانه يمثل القطعة المنطبعة و الالة الطابعة في الان ذاته. فبين المجتمع و الفرد علاقة اقتضاء و تاثير متبادل.
و اذا كان المجتمع يؤثر في الفرد ويطبعه بطابعه ,فما وسيلته في ذلك؟
في اطار الاجابة على هذا السؤال يمكن استحضار موقف انتوني غيدنز من خلال النص ص 51
يمارس المجتمع تاثيره على الافراد من خلال التنشئة الاجتماعية باعتبارها عملية تربوية تكوينية يكتسب من خلالها الفرد بالتدريج