من وحي مضيفة في طائرة
مرَّ بي والقهوةُ المرَّةُ شهدٌ في يديهْ
شادنٌ يسقي من الدلةِ لا من مقلتيه
كيف يسقي المرَّ من يحلو الهوى في جانبيه
عجباً يمزجُ راحاً ولظىً في راحتيه
ليتها وهو يساقي قد أتتْ من شفتيه
أيها الشادن صبَّ الحبَّ في الفنجانِ خمرا
ودع الفنجان مثلي يصطلي القهوةَ سكرا
هو مثلي فكلانا عاشقان منك ثغرا
فدع الثغرَ على الثغر .. دع الأنفاسَ تضرى
كلُّ حبٍّ نظريٍ هو بالتطبيقِ أحرى
رقصَ الفنجانُ في كفِّكَ نشواناً وعربدْ
واشتهى كفكَ مثلي قبضة السجن المؤبد
إنْ أكُنْ بين ذراعيك فنعمَ القيدُ عسْجَد
أوْ أكُنْ جَنبكَ يوماً أتّكي أو أتَوَسَّد
فَلنِعمَ المُتَّكا أنتَ .. ونِعمَ المُتوسَّد
حدِثوني عن سواه قد أحال المرَّ حلوا
أهُوَ الساحر يلهو بعقول الناس لهوا؟!
أهْوَ هاروتُ يناجي في مهبِّ السحر نجوى؟!
ينفخُ الفنجانَ من فيه لمن يبغي ويهوى
أكذا تُـنشرُ منه عُقَدُ السحر وتطوى؟!
صَبَّ في الفنجانِ مراً .. فإذا بالمرِّ يحلو
وإذا الفنجانُ ينسى لسعةَ المرِّ ويسلو
وإذا المرةُ شهدٌ .. مجَّها مِن فيه نحلُ
يرسبُ الإغراءُ في فنجانه طوراً ويعلو
كم يروقُ الرشفُ من فنجانه ويلذُّ عَلُّ
أطلبُ القهوةَ منه مرةً من بعدِ أخرى
لا أريدُ الشربَ لكن أبتغي من ذاكَ أمرا
خِلسةً طَوراً إذا لم أستطِع في الناسِ جهرا
مثلَ لصٍ يتسرى يسرقُ الأشياءَ سرّا
لو تَسرَّيتُ إليه لركبتُ الفَجرَ مَسرى